الاستعانة بالصبر تتكرر كثيراً؛ فهو الزاد الذي لا بد منه لمواجهة كل مشقة ، وأول المشقات مشقة النزول عن القيادة والرياسة والنفع والكسب احتراماً للحق وإيثاراً له ، واعترافاً بالحقيقة وخضوعاً لها .
فما الاستعانة بالصلاة؟
إن الصلاة صلة ولقاء بين العبد والرب . صلة يستمد منها القلب قوة ، وتحس فيها الروح صلة؛ وتجد فيها النفس زاداً أنفس من أعراض الحياة الدنيا . . ولقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة ، وهو الوثيق الصلة بربه الموصول الروح بالوحي والإلهام . . وما يزال هذا الينبوع الدافق في متناول كل مؤمن يريد زاداً للطريق ، وريّاً في الهجير ، ومدداً حين ينقطع المدد ، ورصيداً حين ينفد الرصيد . .
واليقين بلقاء الله - واستعمال ظن ومشتقاتها في معنى اليقين كثير في القرآن وفي لغة العرب عامة - واليقين بالرجعة إليه وحده في كل الأمور . . هو مناط الصبر والاحتمال؛ وهو مناط التقوى والحساسية . كما أنه مناط الوزن الصحيح للقيم : قيم الدنيا وقيم الآخرة . ومتى استقام الميزان في هذه القيم بدت الدنيا كلها ثمناً قليلاً ، وعرضاً هزيلاً؛ وبدت الآخرة على حقيقتها ، التي لا يتردد عاقل في اختيارها وإيثارها midi30